الأحد، 19 مايو 2019

ركن السبب في القرار الاداري د. منى كامل تركي


ركن السبب في القرار الإداري 

للتعرف على  القرار الإداري وشروطه واسبابة من حيث ركن السبب  فلا يعتبر صحيحاً و مشروعاً إلا إذا توافر سبب صحيح يبرر صدوره لكونه يشكل المبرر أو الدافع لاتخاذ القرار و بالتالي يعتبر السبب احد أركان القرار الإداري الهامة التي تؤدي افتقاده إلى البطلان وأن لكل قرار إداري سبب مشروع و يشترط في هذا السبب أن يكون حقيقياً لا وهمياً وأن يكون مبنى على تكييف قانوني سليم وأن يكون متناسباً مع محله و تخلف إحدى هذه الشروط تجعل القرار باطلاً وبالتالي يحكم بإلغائه. فركن السبب بذاته عن باقي الأركان وإذا ما كان يشكله عيباً من عيوب عدم المشروعية في حالة انعدامه حيث لا يرى البعض فيه عيباً إذا ما تخلف في القرار، وأن تخلف ركن السبب يشكل عيباً يندرج تحت وجه مخالفة القانون أو عيب انحراف السلطة وأن تخلف ركن السبب عيب مستقلاً عن باقي العيوب الأخرى وهذا ما أكدته الأحكام المختلفة لمحاكم القضاء الإداري.
الطبيعية القانونية لعيب عدم التناسب في تقدير الجزاء التأديبي بالنسبة للمحكمة الاتحادية العليا يدخل في نطاق عيب الانحراف بالسلطة أي في ركن الغاية وهذا مأخذ به بعض المحاكم الإداري ويبرر البعض هذا الاتجاه  بأن الرقابة التي يمارسها القضاء على ركن السبب تقتصر على التحقق من وجود السبب فقط و لا تمتد إلى خطورة القرار وكذلك لآن إلغاء القرار لعيب الانحراف بالسلطة يعد بمثابة إدانة أدبية لسلوك الإدارة ويعتبر تسبيب القرارات الإدارية ضمانه هاماً لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم وتسهيل مهمة القضاء لرقابة على أسباب القرار.فالإثبات أمام القضاء الإداري ذو طبيعة خاصة وذلك لطبيعة العلاقة الغير متساوي بين أطراف النزاع وكذلك للدور الإيجابي للقاضي الإداري في البحث عن الحقيقة واعتناقه لمبدأ حرية الإثبات.


ان القانون الاداري هو القانون الذي يحكم نشاط السلطة الادارية من حيث تكوينها ونشاطها بوصفها سلطة عامه تملك حقوقها وامتيازات استثنائية في علاقاتها بالافراد وهو فرع من فروع القانون العام الداخلي الذي يحطم الإدارة تنظيما ونشاطا ووسائل رقابه بل يعتبر أهم  فروع القانون العام الداخلي نظرا لطبيعة أحكامه التي تتعلق بالسلطة العامة الذي يمنح السلطة العامة امتيازات عامه بهدف تسهيل نشاطها وتحقيق اهدافها .
ولما كان هذا القانون يتسم بضآلة النصوص المكتوبة فقد أدرك المشرع الاماراتي الدور الخلاق في القضاء الإداري فوضع القواعد وابدع المبادئ والحلول لتتناسب واختلاف التطورات والوقائع التي تخلفها الحياة العملية ، وان بلادنا الحبيبة تعيش مرحلة إزداد فيها نشاط الإدارة واتسع نطاقها حتى نكاد لا نجد ميدانا إلا وللإدارة فيه دور تصدر في إطارة التعليمات وتعالج شؤون القائمين عليها بقرارات تخضع للرقابة عليها في إطار قوانين ودستور الدولة ومن هنا كان لابد من وجود جهة تمارس الرقابة على أعمال الادارة وتتسم بخصائص قوامها ثقافة قانونية واعية تستمد جذورها من التشريع
تمارس الإدارة اختصاص إصدار اللوائح التنظيمية التى تتعدي تنفيذ القوانين الى تنظيم بعض الأمور التى يتطرق إليها القانون فتقترب وظيفتها من التشريع ، و قيامها بما يتعلق بتنظيم الجهات الإدارية ونظام العمل فيها وشؤونها الإدارية والمالية وتختص الهيئة التنفيذية بإصدار لوائح الضبط الإداري المتعلقة بالمحافظة على الأمن العام والصحة ، ويعد القرار الإداري أهم مظهر من مظاهر نشاط وامتيازات السلطة التي تتمتع بها الإدارة وتستمدها من القانون العام ، إذ بواسطته تستطيع الإدارة بإرادتها المنفردة  إنشاء حقوق أو فرض التزامات ، ويرجع السبب في ذلك إلى أن المصالح العامة يجب تغليبها على المصالح الفردية الخاصة والقرار الإداري باعتباره نشاطاً مهماً من أنشطة السلطة الإدارية ، يتكون من عدة أركان وهي ركن الاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية التي تعد جسداً للقرار الإداري ، وتمثل أيضاً حدوداً لا يجوز للإدارة مخالفتها وإلا عدت قراراتها مشوبة بعيوب قابلة للإبطال أو البطلان فالقرارات الإدارية وهي تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد إحداث اثر قانوني معين وما نسعى اليه في هذه الدراسة هو ركن السبب في القرار الإداري ، فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصرا نفسيا داخليا لدي من اصدر القرار

شروط صحة القرار الإداري (أركان القرار الإداري) يقوم القرار الإداري على خمسة أركان وهي : ركن الاختصاص , ركن الشكل , ركن المحل , ركن السبب , و ركن الغاية أولاً : ركن الاختصاص : الاختصاص هو عبارة عن الصلاحية القانونية للقيام بعمل معين ويقصد بالاختصاص في مجال القرار الإداري القدرة على إصدار القرار الإداري على وجه يعتد به قانوناً , أي أن يصدر القرار الإداري ممن منحه القانون سلطة إصداره ، أن ركن الاختصاص من أهم أركان القرار الإداري ويمكن الطعن في صحة القرار مباشرة متى ما ثبت عدم توفر ركن الاختصاص به وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى إذ يعرف القرار الذي لايتوفر به ركن الاختصاص بالقرار المعيب الذي شابه أو اعتراه عيب جسيم أدى إلى بطلانه
ثانياً ركن الشكل : الأصل أن القرار الإداري ليس له شكل معين يتعيّن أن يصدر فيه , فمن الممكن أن يكون مكتوباً أو شفوياً ، صريحاً أو ضمنياً ، لذلك فإن الإدارة غير مقيدة بشكل معين تفصح فيه عن إرادتها الملزمة مالم يحتم القانون اتباع شكل خاص بالنسبة لقرار معين ولذلك فقد يكون القرار مكتوباً كما قد يكون شفوياً كما قد يحتاج إلى إجراءات معينة لنشره وتوزيعه مثلاً , فمتى ما حدد القانون إجراءات معينة أو شكل محدد وجب على جهة الإدارة التقيّد بها كالتوقيع والختم والتصديق وإعطاء الرقم تحت طائلة البطلان عند مخالفة تلك الإجراءات
ثالثاً ركن المحل : المقصود بالمحل في القرار الإداري هو موضوعه  أي الأثر القانوني الذي يترتب عليه ومن أمثلة المحل في القرار الإداري المحل في إصدار قرار تأديبي بحق موظف مخالف هو توقيع الجزاء والمحل في قرار التعيين في الوظيفة هو إدخال الفرد صاحب العلاقة بالقرار في الوظيفة والمحل في قرار النقل أو الندب هو تغيير مكان عمل الموظف المنقول... وهكذا
رابعاً ركن الغاية : والحقيقة أن البعض لايفرق بين ركني السبب والغاية , في حين أن الفرق واضح وجلي , فإذا كان السبب هو الهدف الأولي من وراء صدور القرار أو المحور الذي صدر القرار حوله فإن الغاية هي النتيجة النهائية التي تسعى جهة الإدارة إلى تحقيقها وإدراكها من وراء القرار الإداري الذي يتم إصداره
خامساً ركن السبب : يجب أن يقوم القرار الإداري على سبب يستند عليه ويكون سبب إصداره ويعرف السبب بأنه الحالة القانونية أو الواقعية التي تدفع جهة الإدارة لإصدار القرار الإداري ومن ثم يعتبر السبب هو الدافع والمبرر لإصدار القرار الإداري هذا وبالرغم من أهمية وجود السبب على اعتبار أنه أمر لازم وضروري لإصدار القرار غير أن ذلك لايفرض على الإدارة ضرورة اتخاذ القرار فإن لها حرية اتخاذ أو عدم اتخاذ القرار حتى ولو توفر سببه  فالأمر متروك في النهاية لتقدير جهة الإدارة وحدها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وأوجب على الإدارة إصدار القرار في حالة توافر سببه وفي حالات معينة
ويجب التفريق هنا بين السبب والتسبيب في القرار الإداري : فقد أوضحنا معنى السبب غير أن التسبيب يعني إلزام القانون في بعض الحالات الإدارة بضرورة تسبيب قراراتها بمعنى ذكر السبب من القرار في صلب القرار نفسه أي تعليل سبب صدور القرار ويترتب على تخلف ذلك الإجراء قابلية القرار للإبطال ولاحظ هنا أن تخلف ركن السبب يؤدي إلى إبطال القرار فورا بعيب تخلف ركن السبب في حين أن تخلّف التسبيب يؤدي فقط إلى قابلية القرار للإبطال وكما أن لركن المحل شروط لصحته فإن لركن السبب كذلك شروط وهي :
(1)   أن يكون السبب موجود في الواقع فلا يجوز أن تتم ترقية موظف غير موجود في الخدمة
(2)   أن يكون السبب صحيح من الناحية القانونية.
(3)   أن ينطبق عليه الوصف القانوني الصحيح.
(4)   أن يكون متناسباً مع محله.
هذا وللقضاء دور بارز في مراقبة تلك الشروط عند التقدم بالطعن في أي قرار إداري للتحقق من صحة سببه
تعريف ركن السبب في القرار الإداري وشروطه: يقوم القرار على حالة واقعية او قانونية صحيحة تحمل الادارة على التدخل وتدفعها الى اصدار القرار وهذه الحالة تسبق القرار الاداري وتكون وراء الادارة في اتخاذ القرار الاداري ، ان القرار الاداري هو عمل اداري لانه افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة وكل عمل ارادي لابد وان يتم عن طواعية واختيار بناء على فكرة معينة وهذه الفكرة تتكون لدى رجل الادارة نتيجة لامر خارجي عنه بحيث انها لا تتكون من نفسها في ذهن مصدر القرار وهذا الامر الخارجي الذي يشكل الحالة القانونية او المادية هو السبب
ان الادارة عندما تتخذ قرارا لا تفعل ذلك اعتباطا وانما لابد لرجل الادارة المختص من ان يقيم قراره على اساس قاعدة قانونية مع مرعاة الظروف والاعتبارات الواقعية التي تحيط به بحيث يكون قراره نتيجه لجملة عناصر قانونية ومادية تكون سبب القرار والمحرك له وهذه تكون سابقة على القرار وخارجه ومقدمة ضرورية لاتخاذ قرار تصدره الادارة ، وعرفه الفقه بانه حالة واقعية او قانونية بعيدة عن رجل الادارة ومستقلة عن ارادته تتم فتوحي اليه بانه يستطيع ان يتدخل وان يتخذ قرارا ما، وعرف الدكتور سليمان الطماوي سبب القرار الإداري بأنه " هو الحالة القانونية أو الواقعية التي تدفع الإدارة إلى إصدارة ", وعرفه كذلك بأنه " هو الحالة القانونية أو الواقعية التي تتم بعيداً عن رجل الإدارة فتوحي إليه باتخاذ قراره وعرفه حمدي عكاشه سبب القرار الإداري بأنه هو " حالة ماديه أو قانونية تظهر فتدفع الجهة الإدارية إلى اتخاذ قرار وكما عرف الدكتور ماجد الحلو سبب القرار الإداري بأنه " هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تدفع إلى إصدار القرار أي أن السبب هو حالة موضوعية تحدث قبل إصدار القرار فتحمل الإدارة على إصدارة" وعرفه الدكتور يعقوب الحمادي سبب القرار الإداري أنه " هو الحالة القانونية أو الواقعية التي نشأت فدفعت الإدارة على إصدار قرار ما بشأن تلك الحالة  ويعرفه الدكتور طعيمه الجرف بأنه " الأمر الذي سبق القرار ويأخذ شكل حالة قانونية أو مادية تدفع الإدارة لاتخاذ القرار وعرفه الدكتور علي شطناوي فعرفه بقوله " أسباب القرار الإداري هي مجموعة العناصر القانونية والواقعية التي تحدث أولاً ومسبقاً و توحي لرجل الإدارة أن بإمكانه قانوناً التدخل وإصدار قرار إداري
ومن خلال هذه التعريفات نلاحظ أنه يجب أن يستند كل قرار إداري إلى مجموعه من الظروف القانونية أو الواقعية السابقة لاتخاذ القرار, والتي تعد بمثابة المسوغ الذي يدفع رجل الإدارة لاتخاذ القرار
وقد عرفته المحكمة الاتحادية العليا بقولها " بأن سبب القرار الإداري هو مجموعة العناصر الواقعية أو القانونية التي تحمل الإدارة إلى إصدار القرار، عرفت المحكمة الإدارية العليا في مصر ركن السبب على أنه " الحالة الواقعية أو القانونية التي تسوغ تدخل الإدارة لإصدار القرار لإحداث مركز قانوني معين يكون الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة وعرفه مجلس الدولة المصري فعرفه على أنه " الحالة القانوني أو الواقعية التي تسوغ تدخل رجل الإدارة بسلطته الملزمة ليحدث مركزا قانونيا معينا هادفا من وراء ذلك تحقيق المصلحة العامة وعرفته الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية بالكويت على أنه " الحالة الواقعية أو القانونية التي تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني ومن الملاحظ أن هذه التعريفات تجمع على أن السبب في القرارات الإداري هو الواقعة المادية أو القانوني التي تقوم خارجا وبعيداً عن إرادة السلطة الإداري المختصة, فتحركها وتدفعها إلى اتخاذ قرار إداري معين من أجل مواجهة هذا الوقعة المادية أو القانوني
شروط ركن السبب في القرار الإداري: إذا كانت الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في القرار الإداري الذي لا يصلح إلا بقيامه إلا أن هناك شروطاً واجبة التوافر لصحة سبب القرار الإداري ذاته والتي تنحصر في ضرورة قيام السبب حتى تاريخ إصدار القرار الإداري ومشروعية السبب وتحديده
يجب أن يكون السبب موجوداً أو قائماً من تاريخ إصدار القرار: وهذا الشرط يعني أن تكون الحالة القانونية أو الواقعية التي استند إليها القرار قد وجدت وقت صدور القرار وأن تستمر حتى تاريخ صدور القرار ولهذا الشرط شقان فمن ناحية أولى يجب أن تكون الوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها قد وقعت فعلا وقد قضت المحكمة الاتحادية العليا ابوظبي بهذا الشأن في الطعن رقم  224 لسنة 26 قضائية عليا نقض إداري صادر من محكمـة استئناف أبوظبي بتاريخ 9/3/2004 في الاستئناف رقم 29/2004 حكومي أن العبرة بتوفر سبب القرار الإداري أو صحته ومشروعيته هو بوقت صدور القرار، فإن توافر السبب و كان صحيحاً و مستنداً إلى مصدر من مصادر المشروعية وقت صدور القرار فلا يعاب على القرار بعدم المشروعية إن طرأ على السبب تغييراً أو تبديلاً لو كان موجود وقت إصدار القرار ورفضت الطعن فيما عدا ذلك ، وألزمت المطعون ضده المصروفات المناسبة وعلى هذا الأساس للحكم على مشروعية القرار يتعين الرجوع دائماً إلى تاريخ صدوره وهذا هو الأصل ولهذا إذا ظهرت هناك وقائع جديدة فلا يمكن أن تسري بأثر رجعي إلى تاريخ لاحق على تحقيقها يجب أن تكون تلك الوقائع التي تكون ركن السبب قد استمرت حتى تاريخ إصدار القرار وفي هذا الشأن قد قضت المحكمة الاتحادية العليا بإلغاء القرار الصادر من وزارة التعليم ضد مدرسة بإحالتها إلى التقاعد بناء على طلب استقالة تم العدول عنها خلال أيام قبل أن تتخذ الوزارة إي إجراء قانوني بشأنها. 
يجب أن يكون سبب القرار صحيحاً ومشروعاً: وهذا الشرط يقتضي أن يكون السبب الذي استندت إليه الإدارة في اتخاذ قرارها متفقاً مع أحكام القانون فإذا استندت الإدارة إلى أسباب غير التي حددها المشرع فإن قرارها يكون غير مشروع وقد أكدت المحكمة الاتحادية العليا ابوظبي على هذا الشرط في بعض أحكامها بالقول (( أن سبب القرار الإداري هو مجموعة العناصر الواقعية  أو القانونية التي تحمل الإدارة إلى إصدار قرارها وأن هذا السبب يجب أن يكون مشروعاً بمعنى أن يكون متوافقاً مع القانون شكلاً و موضوعاً  وإلا كان القرار معيباً بعيب مخالفة التسبيب
وتتجلى عدم المشروعية التي تشوب الأسباب القانونية في ثلاث مظاهر أولاً  إصدار القرار خارج نطاق القانون ويعود ذلك لعدم أمكانية تطبيق القاعدة القانونية على الحالة الواقعية محل البحث ثانياً تخلف الأساس القانوني للقرار ويتحقق ذلك عندما يكون الأساس القانوني لم يوجد بعد أو لم يعد موجوداً وقائماً ثالثاً الخطأ في القانون ويعود ذلك لعدم انطباق القاعدة القانوني على الحالة الواقعية التي طبقة عليها بسبب عيباً في الاستدلال والاستنتاج اللذين يجريهما مصدر القرار وقت اتخاذ القرار الإداري وهذا ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا ابوظبي بشأن المشروعية  للقضاء الرقابة على مشروعية السبب في القرار الإداري في ظل الأحكام التي كانت معمولاً بها وقت صدوره وما إذا كانت مستندة إلى أصول موجودة تنتجها مادياً وقانونياً وإلا وقع القرار مفتقداً ركن السبب 
يجب أن يكون السبب محدداً في القرار الإداري: وهذا الشرط يقتضي أن يكون السبب محدداً بوقائع ظاهرة يقوم عليها فلا يكفي السبب العام الغير واضح لأن مثل هذا السبب لا يكفي لكي يحدد صاحب الشأن موقفه من القرار بقبوله أو التظلم منه او بالطعن فيه ولا يمكن القاضي من إعمال رقابته عليه فيعتبر السبب هذا غير كاف لحمل القرار
حدود الرقابة القضائية على سبب القرار الإداري
ان السبب بمعنى الوقائع التي قام عليها القرار يعد ركنا في القرار الاداري لا يقوم بدونه بالزام جهة الادارة بالافصاح عن اسباب قراراتها سواء كان التسبيب شرطا لازما لصحة القرار ام لا ، إلا أن المحكمة الادارية العليا لم تضع قاعدة مطلقة في هذا الخصوص تقضي بوجوب الافصاح عن اسباب القرارات الادارية الا انها في الغالب الاعم من احكامها تؤكد على ضرورة قيام القرار على سببه الصحيح  ، الاصل انه  الزام على الادارة بتسبيب القرار الاداري فالقرار غير المسبب يفترض قيامه على سببه الصحيح عبء اثبات العكس يقع على مدعيه تسبب الادارة لقرارها خضوع الاسباب لرقابة القضاء الاداري حدود هذه الرقابة
ولئن كانت الادارة غير ملزمة بتسبيب قرارها يفترض في القرار غير المسبب انه قام على سببه الصحيح وعلى من يدعي العكس ان يقيم الدليل على ذلك الا انها اذا ذكرت اسبابا له فانها تكون خاضعة لرقابة القضاء الاداري للتحقق من مدى مطابقتها  او عدم مطابقتها للقانون واثر ذلك في النتيجة التي انهى اليها القرار وهذه الرقابة القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما اذا كانت منتزعة من غير اصول موجودة او كانت مستخلصة من اصول لا تنتجها او كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقدا لركن من اركان هو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون اما اذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من اصول تنتجها ماديا وقانونا فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون

الرقابة على الوجود المادي للوقائع
استقر القضاء الإداري في كل من فرنسا ومصر والإمارات على أن القرار الإداري في كافة الأحوال و الظروف ومهما كانت سلطة الإدارة بصدده مقيدة أو تقديرية في الظروف العادية أو الاستثنائية يكون مشوب بعيب السبب وقابلاً للإلغاء إذ ثبت أن الإدارة قد استندت في تبريره في وقائع غير صحيحة من الناحية المادية سواء كانت الإدارة حسنه النية أي اعتقدت خطأ بقيام الوقائع التي تدعيها أو كانت تعلم بعدم قيام الوقائع ويشترط لصحة الوقائع المادية التي تستند إليها الإدارة في إصدار قرارها أن تكون محققة الوجود وأن تكون مشروعة أو صحيحة
اشتراط أن تكون الوقائع محققة الوجود: يقتضي في الوقائع المادية التي تستند إليها الإدارة في إصدار قرارها أن تكون محققة الوجود وقائمة لحين صدور القرار  ومن تطبيقات المحكمة الاتحادية العليا في مجال رقابة المحكمة للوقائع المبررة لإصدار القرار ما قضت به بأنه " لما كان مقرر في فقه القانون الإداري وما جرى به قضاء هذه المحكمة أن كل قرار إداري يجب أن يقوم على عناصر تبرره صدقا وحقاً أي في الواقع والقانون اشتراط أن تكون الوقائع مشروعة أو صحيحة فرضت المحكمة الاتحادية العليا رقابتها أيضاً على مشروعية أو صحة الوقائع التي بني عليها القرار
اقامة الدليل على وجود السبب الصحيح: نشأت هذه الاشكالية نتيجة تفاوت الرقابة القضائية على وجود الوقلئع في احكام القضاء الاداري بين تشدد المحاكم في التثبت من الوجود المادي للوقائع وبين الاكتفاء بما قد تذكرة جهة الادارة كوقائع لقرارها وبمعنى اخر تتشدد المحاكم في وجوب ان تكون الوقائع التي يستند اليها القرار ثابتة وموجودة يقينا ولا تكتفي بما قد تذكره جهة الادارة من عبارات  مرسلة او بيانات غير كافية لتبرير صدور القرار وفي بعض الاحكام تكتفي بهذه العبارات المرسلة او البيانات غير الكافية وتعطي المحكمة في مجال سلطة تقديرية واسعة ولا تتدخل برقابتها على هذا النطاق التقديرية انما تكتفي بما تأتي به الجهة الادارية من بيانات عن وجود التقديرية في مجالات اخرى تنشد في التثبت من الوجود المادي للوقائع التي قام عليها القرار

الرقابة على التكييف القانوني للوقائع
عندما يطلق المشرع وصفاً لحالة معينه أو وقائع مادية محددة فإن تطبيق هذا الوصف على الوقائع التي تصادف الإدارة وتستلزم تدخلها بقراراتها الإدارية يطلق عليه مصطلح التكييف القانوني للوقائع فالمقصود من عملية التكييف هو إدراج حاله واقعية معينه داخل إطار فكرة قانونية بحيث يمكن أن يحمل القرار المتخذ عليها باعتبارها دافعاً مشروعاً لاتخاذه.  فأن القضاء الإداري لا يراقب إلا تكييف الوقائع العادية ويمسك عن تكييف الوقائع الفنية فعلى سبيل المثال لا تمتد رقابة القضاء على فحص قرار الطبيب المختص طالما أصدره في حدود اختصاصه وكذلك لا يراقب القضاء أعمال اللجان العلمية الخاصة بترقية أعضاء هيئات التدريس بالجامعات , لأن القول بخلاف ذلك يجعل من رقابة القضاء بمثابة مشاركة للإدارة في سلطتها المذكورة و هو ما يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات ولا يستقيم مع واقع الحياة العملية.

الرقابة على تقدير اهمية الوقائع: إذا كان الأصل العام في إن دور القاضي الإداري يقتصر في رقابته على سبب القرار الإداري على وجود الوقائع  وصحة تكييفها من الناحية القانونية  فليس له تقدير مدى أهمية الوقائع وتناسبها مع القرار الصادر بناء عليه بل تتولى الإدارة وحدها بحث وتقدير ملائمة القرار للوقائع التي دفعت إلى إصداره غير أن القضاء الإداري الفرنسي قد سمح لنفسه استثناء بأن يقدر أهمية الوقائع و ينظر في تلاءمها مع القرار الذي صدر على أساسها وذلك عندما تكون الملائمة شرطاً من شروط المشروعية يتعين بحثه لها لتحقق من وجودها

الخاتمة
أن القرار الإداري لا يعتبر صحيحاً و مشروعاً إلا إذا توافر سبب صحيح يبرر صدوره لكونه يشكل المبرر أو الدافع لاتخاذ القرار و بالتالي يعتبر السبب احد أركان القرار الإداري الهامة التي تؤدي افتقاده إلى البطلان وعليه فإن النتائج التي يمكن استنتاجها من خلال هذه الدراسة تتمثل في أن لكل قرار إداري سبب مشروع و يشترط في هذا السبب أن يكون حقيقياً لا وهمياً وأن يكون مبنى على تكييف قانوني سليم وأن يكون متناسباً مع محله و تخلف إحدى هذه الشروط تجعل القرار باطلاً وبالتالي يحكم بإلغائه ، ركن السبب بذاته عن باقي الأركان وإذا ما كان يشكله عيباً من عيوب عدم المشروعية في حالة انعدامه حيث لا يرى البعض فيه عيباً إذا ما تخلف في القرار، وأن تخلف ركن السبب يشكل عيباً يندرج تحت وجه مخالفة القانون أو عيب انحراف السلطة وأن تخلف ركن السبب عيب مستقلاً عن باقي العيوب الأخرى وهذا ما أكدته الأحكام المختلفة لمحاكم القضاء الإداري.




[1] )) مصطفى عفيفى، رقابة دستورية القوانين فى مصر والدول الأجنبية، جامعة عين شمس، 2004 ص 235
[2] )) عوض المر، الرقابة القضائية على دستورية القوانين فى ملامحها الرئيسية ، القاهرة ، مطبعة الجلال  للطباعة والنشر والتوزيع ، 2003 ص 70-80
[3] )) خالد سمارة الزعبي: القرار الإداري بين النظرية والتطبيق ، دراسة مقارنة ( فرنسا ، مصر ، لبنان، الاردن) مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية الاصدار الاول 1999 ص 38
[4] )) عبد العزيز عبد المنعم خليفة: الموسوعة الادارية في الغاء القرار الإداري وتأديب الموظف العام الجزء الاول أسباب دعوى الغاء القرار الإداري في قضاء محلس الدولة دار محمود للنشر والتوزيع الطبعة الاولى 2007 ص 216

[8] )) خالد سمارة الزعبي: القرار الإداري بين النظرية والتطبيق ، دراسة مقارنة ( فرنسا ، مصر ، لبنان، الاردن) مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية الاصدار الاول 1999 ص 38
[9217
[11])) حمدي ياسين عكاشة ، القرار الإداري ، منشأة المعارف ، 1987م الطبعة الاولى ص 46  ، الطبعة الرابعة الجزء الاول 2004 ص 22
[12] )) ماجد راغب الحلو: القضاء الاداري دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية  الطبعة الخامسة 2004 ص 158
[13] )) شريف يوسف حلمي خاطر : القرار الإداري دار النهضة العربية القاهرة 2007
[14] )) د. طعيمة الجرف: ﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻷﻋﻤﺎل ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ، قضاء الالغاء ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ عام 1984  ﺹ 180
[15] )) على خطار شطناوي : القضاء الإداري في الاردن قضاء الالغاء المركز العربي للخدمات الطلابية مطبعة كنعان 1995 ص 22
[16] )) د. محمد ماهر ابو العينين : ضوابط مشروعية القرارات الإدارية وفقاً للمنهج القضائي دراسة تحليلة وفقهية لأحكام وفتاوي مجلس الدولة الكتاب الاول القاضي الاداري ومحاور ضبط نشروعية القرارات الادارية الطبعة الاولى 2013 المركز القومي للاصدارات القانونية القاهرة ص 271
[18] )) الطعن رقم  224 لسنة 26 قضائية عليا نقض إداري صادر من محكمـة استئناف أبوظبي بتاريخ 9/3/2004 في الاستئناف رقم 29/2004 حكومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعايش السلمي في القانون الدولي العام دكتورة منى كامل تركي

 التعايش السلمي في القانون الدولي العام دكتورة منى كامل تركي #السلام_أولا_#